نساء من الأردن يطوّعن التكنولوجيا لمواجهة التحديات في مختلف المجالات
فيما نحيي اليوم العالمي للمرأة، تعرّفوا على أربعة نساء في الأردن ممن يستخدمن التكنولوجيا لمواجهة التحديات على مختلف المستويات.
بينما تشهد التكنولوجيا تطوراً متسارعاً، محدثةً بذلك اتساعاً محتملاً في الفجوة الرقمية بين الجنسين، اختارت النساء والفتيات في الأردن مواكبة التطورات رغم كل التحديات، فقررن استثمار طاقاتهن في التكنولوجيا.
وفقاً لتقرير الفجوة بين الجنسين العالمي لعام 2018، ستكون 75% من الوظائف في مجالات ذات صلة بالعلوم والتقنية والهندسة والرياضيات مع حلول عام 2050. ومع ذلك، لا تشغل النساء اليوم سوى 22% من الوظائف في مجال الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال.
في الأردن ، كشفت منظمة اليونسكو أن الإناث مثلنّ أكثر من 60 في المائة من الطلاب في العلوم الطبيعية والطب وطب الأسنان والصيدلة في عام 2022. بينما بلغت نسبة الطالبات في الهندسة وعلوم الكمبيوتر خلال الفترة نفسها حوالي 28 في المائة و 45 في المائة على التوالي.
بينما يبدو الوضع في الأردن مشجعاً، أصبحت الحاجة إلى زيادة تمثيل النساء والفتيات في مجالات التكنولوجيا والابتكار أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
فيما نحيي اليوم العالمي للمرأة تحت شعار "إشراك الجميع رقمياً: الابتكار والتقنية لتحقيق المساواة بين الجنسين"، تعرّفوا على أربعة نساء في الأردن ممن يستخدمن التكنولوجيا لمواجهة التحديات على مختلف المستويات.
سلمى تستثمر طاقاتها في قطاع الأعمال الزراعية لمواجهة شح المياه
استخدمت سلمى عمايري، مهندسة كهرباء أردنية، تعليمها ومعرفتها في تطوير أنظمة مبتكرة لمساعدة المزارعين والمزارعات على الاستخدام الأمثل للمياه والأسمدة، عن طريق إيصال الكمية المطلوبة من المياه والمغذيات إلى النباتات بدقة وفي الوقت المناسب.
وبينما يعتبر الأردن واحداً من أكثر الدول التي تعاني من ندرة المياه، يساهم ابتكار عمايري في مواجهة تحدي شح المياه في القطاع الزراعي.
ويسهم ابتكارها "نظام الري والتسميد الذكي" في توفير ما يصل إلى 30% من استهلاك المياه في الحقول المفتوحة وما يصل إلى 70% في المغلقة منها، وذلك عن طريق توفير نظام تحكم في ريّ المزارع عن بعد، في أي مكان وزمان، وبأسعار تنافسية، باستخدام انترنت الأشياء.
وكإحدى مؤسسي المشروع الناشئ "سمارت غرين للحلول الزراعية التكنولوجية"، تلقت عمايري ضمن سبعة آخرين من أصحاب المشاريع الناشئة تدريبا حول بناء القدرات من خلال مشروع "المرفق للمناخ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة" التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي "توسيع نطاق الابتكار في مجال إدارة المياه من أجل الأمن المناخي في شمال الأردن".
كما أتاحت لها المشاركة في مشروع "المرفق للمناخ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة" الفرصة لمواصلة تطوير ابتكارها. فمن خلال الدعم الذي تلقته، استعرضت سلمى مشروعها في حدث جانبي خلال أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في دبي في آذار 2022، مما مهد لها الطريق للتواصل على المستوى الدولي وتسليط الضوء على التكنولوجيا المستخدمة في مشروعها الناشئ على المستوى الإقليمي. كما دعم المشروع "سمارت غرين" من خلال تدريبات حول بناء القدرات، بما في ذلك جلسات تدريبية حول الأعمال والتكنولوجيا في مجال القيادة، والتسويق، والتمويل، وإدارة المياه. بالإضافة إلى ذلك، فقد أتاح المشروع الفرصة لـ "سمارت غرين" لتنفيذ مرحلة تجريبية لتكنولوجيا المياه المبتكرة الخاصة به في محافظة جرش شمال الأردن.
يهدف مشروع "المرفق للمناخ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة" الذي يدعمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إلى توسيع نطاق الابتكار في إدارة المياه من أجل الأمن المناخي في شمال الأردن من خلال استهداف المشاريع الناشئة. وقد بدأ العمل في المشروع منذ عام 2021، وسيتم تنفيذه على مدى سنتين بهدف تعزيز إدارة الموارد المائية في محافظتي جرش والمفرق، كجزء من مشروع "المرفق الإقليمي للمناخ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة: العمل المناخي من أجل الأمن البشري في الدول العربية".
ووفقاً لعمايري، فإننا بحاجة إلى المزيد من النساء في طليعة العمل التكنولوجي لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجه مجتمعاتهن.
"لا بد من إلهام وتمكين الرائدات من نساء وفتيات الجيل القادم لإيجاد عالم تكنولوجي أكثر تنوعاً وشمولاً. نحتاج إلى المزيد من النساء في طليعة التكنولوجيا والابتكار جنباً إلى جنب مع الرجال،" قالت رائدة الأعمال البالغة من العمر 30 عاماً.
إيناس تستثمر طاقاتها في الذكاء الاصطناعي لتعزيز ثقافة إعادة التدوير
اهتمام رضوان في إعادة التدوير دفعها إلى تشكيل فريق مع غيرها من رواد ورائدات الأعمال من الأردن لتطوير "إي ريسايكل هب"؛ منصة اجتماعية تزوّد المستخدمين والمستخدمات بوسيلة مناسبة ومتاحة وميسورة التكلفة لإعادة التدوير على نحو أكثر فعالية.
بينما يواجه الأردن ضغوطات متزايدة في البنية التحتية اللازمة لإدارة النفايات، يساهم مشروع رضوان وشركائها في تعزيز متوسط معدل إعادة التدوير، في حين يدعم المجتمعات المنخفضة الدخل لكسب الأرباح من خلال إعادة التدوير، مما يؤثر إيجاباً على سبل معيشتهم.
ويعود اهتمامها في مجال إعادة التدوير إلى عام 2018، حينما لاحظت الحاجة إلى تقديم خدمة إعادة التدوير في الأردن، والوصول إلى الأشخاص لتشجعيهم على الحفاظ على البيئة من خلال حصولهم على المكافآت مقابل ما تم إعادة تدويره من المواد، أو التبرع بها لهدف أسمى.
في عام 2021، شكلت رضوان فريقاً مع غيرها من الشركاء وقاموا بتطوير منصة "إي ريسايكل هب". يستطيع المستخدمون والمستخدمات التسجيل في المنصة بواسطة هواتفهم النقالة أو عبر الموقع الإلكتروني، كما بإمكانهم حجز موعد لتجميع مواد قابلة لإعادة التدوير في وقت يتزامن فيه وجود فريق "إي ريسايكل هب" المسؤول عن التجميع في المنطقة ذاتها، ومن ثم يحصلون على نقاط مقابل تزويد الفريق بأشكال مختلفة من النقايات القابلة لإعادة التدوير ليقوم بتجميعها.
ولهذا السبب، أطلقت رضوان على المواد القابلة لإعادة التدوير اسم "مواد اجتماعية قابلة لإعادة التدوير"، حيث يمكن لهذه المواد إحداث فوائد بيئية واجتماعية على السواء، حسب رضوان. ومن خلال منصتها الناشئة، توّفر رضوان برمجية ذكاء اصطناعي لتحديد النفايات، والتي تعمل على تحديد ما إذا كانت إعادة تدوير بعض النفايات متاحة، مما يزيد من قيمة ما تم تجميعه من مواد قابلة لإعادة التدوير ويعزز سلوك إعادة التدوير في المجتمع في الوقت ذاته.
تلقّت رضوان منحتان من اليونيسف لتطوير مشروعها، كما شاركت في مبادرة مسرّع الأعمال LevelUP في عام 2021، وهو برنامج تابع لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) يهدف إلى دعم رواد ورائدات الأعمال، والمبتكرين والمبتكرات، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والشركات الناشئة، والمنظمات لبناء نماذج أعمال ناجحة لدخول الأسواق العالمية.
تشجع مبادرة LevelUP مجتمعاً من الشابات والشباب الذين يسعون لتحقيق التحول الرقمي الشامل والمستدام ومشاركة خبراتهم في التحول الرقمي. وتم اختيار رضوان ضمن أفضل عشرة رواد ورائدات أعمال ممن أكملوا المراحل المطلوبة من البرنامج وحصلوا على لقب أبطال التغير الرقمي.
"أتاح لنا برنامج مسرع الأعمال مساراً تفاعلياً لبناء مشاريعنا من الألف إلى الياء بطريقة منظمة،" قالت رضوان.
وأضافت كمشاركة في البرنامج، أنه قد أتاح لها فرصة رائعة للحصول على الدعم الصحيح لضمان بدء عمل تجاري معتمد، وذلك كله من خلال برنامج واحد.
رولا وناهد تستثمران طاقاتهما في التكنولوجيا لإصلاح الأدوت المنزلية
بالنسبة لرولا وناهد، يمكن للإلمام بالتكنولوجيا أن يكون ذا فائدة على مستوى المنزل.
تشارك كل من رولا وناهد حالياً في دورة حول صيانة الهواتف النقالة ممولة من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنفذة من قبل منظمة كير في مخيم الأزرق.
"أرغب بإتقان هذا المجال - مجال التكنولوجيا،" قالت رولا، أم لستة أطفال وتبلغ من العمر 32 سنة.
كما أضافت أنها تريد الاعتماد على نفسها لإصلاح الأجهزة التي تستخدمها عائلتها.
"على عكس المتوقع، أحببت هذا المجال، بينما كنت أظن أنه معقد. والآن لن أكتفي بصيانة الهواتف النقالة، بل أريد تعلم إصلاح شاشات التلفاز والحواسيب المحمولة."
أما بالنسبة لناهد، فتريد أن تكون قدوة لأطفالها في هذا المجال.
"إن زرع محبة المعرفة في أطفالنا واجبٌ علينا، ولهذا السبب أرغب بتعليم نفسي أولاً."
"لقد كنت خائفة من دخول مجال التكنولوجيا، وأعتقد أن العديد من النساء والفتيات يشعرن بالخوف ذاته. وأهدف الآن إلى تشجيع النساء والفتيات في المخيم على الانضمام إلى مثل هذه الأنشطة، حيث إنها المستقبل،" قالت ناهد التي تسكن مخيم الأزرق وتبلغ من العمر 30 عاماً. "التكنولوجيا هي المستقبل، وأريد أن أكون جزءاً منه."
يشارك الآن 12 من النساء والفتيات و18 من الرجال في التدريب التابع للمفوضية في المخيم.
بالشراكة مع منظمة كير، أسست المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مخيم الأزرق أنشطة "مختبر التكنولوجيا" في المراكز المجتمعية، والمجهزة بالمعدات وإمكانية الوصول إلى الإنترنت، والتي تمكن اللاجئين واللاجئات في مخيم الأزرق من المشاركة في الدورات التعليمية. وتتضمن برامج تعلم التكنولوجيا مهارات الحاسوب الأساسية، وأساسيات تعلم الترميز، وتصفح واستخدام الإنترنت.
تم مشاركة هذه القصص بواسطة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وتم تحريرها من قبل مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في الأردن.