ملاحظات الأمين العام للأمم المتحدة في القمة العربية غير العادية حول الأوضاع في الشرق الأوسط- غزة
نحن بحاجة إلى إطار سياسي واضح يرسي الأساس لتعافي غزة وإعادة إعمارها واستقرارها الدائم.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي، مع حفظ الألقاب
فخامة الرئيس السيسي، أشكركم على جمع القادة من مختلف أنحاء العالم العربي للتوحد في هذه القمة العربية الاستثنائية المخصصة لفلسطين.
فمنذ الهجمات المروعة التي شنتها حماس في إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أحدثت العمليات العسكرية الإسرائيلية التي أعقبت ذلك مستوى غير مسبوق من الموت والدمار في غزة.
ولقد عانى الفلسطينيون في غزة معاناةً تفوق الوصف.
وهم مهددون الآن بالتعرض لمستوى أفدح من الدمار.
إن انعقاد هذه القمة يمثل دلالة هامة على أن على العالم تقع مسؤولية جماعية لدعم الجهود الرامية إلى إنهاء هذه الحرب وتخفيف المعاناة الإنسانية الهائلة والتوصل إلى سلام دائم.
لقد شهدنا في الأسابيع القليلة الماضية تحسناً ملموساً مع وقف إطلاق النار وصفقة الرهائن.
فمنذ بدء تنفيذ المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، شهد المدنيون الفلسطينيون في غزة انفراجاً في الأوضاع. وتم الإفراج عن رهائن وزادت المساعدات الإنسانية بشكل كبير.
وأحث الأطراف على التمسك بالتزاماتها وتنفيذها بالكامل، كما أحث الدول الأعضاء على استخدام كل ما لديها من نفوذ لدعم ذلك، خاصةً ونحن نستهل شهر رمضان المبارك.
ويجب علينا أن نتجنب بأي ثمن استئناف الأعمال العدائية التي من شأنها أن تغرق الملايين مرة أخرى في هاوية المعاناة وتزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة. وفي الوقت نفسه، يجب احترام وحدة أراضي لبنان وسوريا.
ويجب استئناف المفاوضات الجادة لوقف إطلاق النار بجميع جوانبه دون تأخير.
ويجب إطلاق سراح جميع الرهائن - فورا ودون شروط وبطريقة كريمة.
يجب أن يتم الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين وفقا لشروط الصفقة وبطريقة كريمة أيضا.
ويجب على الأطراف ضمان المعاملة الإنسانية لجميع المحتجزين الخاضعين لسلطتهم.
ويجب إزالة جميع العقبات التي تحول دون إيصال المساعدات المنقذة للحياة بشكل فعال.
المساعدات الإنسانية غير قابلة للتفاوض. يجب أن تتدفق دون عوائق. ويجب تمويل الاستجابة بشكل كافٍ، ويجب حماية المدنيين - بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني.
ولقد أثبتت الأمم المتحدة، بالتعاون مع شركائها وعلى وجه الخصوص الهلال الأحمر الفلسطيني، أن الاستجابة التي تتم بتنسيق منها يمكنها، إذا أتيح لها الوصول، أن توفر المساعدة التي يحتاجها الناس.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي،
إن إنهاء الأزمة الحالية لا يكفي.
فنحن بحاجة إلى إطار سياسي واضح يرسي الأساس لتعافي غزة وإعادة إعمارها واستقرارها الدائم.
ويجب أن يستند هذا الإطار إلى مبادئ القانون الدولي واحترامه.
يجب معالجة مخاوف إسرائيل الأمنية المشروعة، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك عبر وجود عسكري إسرائيلي طويل الأمد في غزة.
ويجب أن تظل غزة جزءاً لا يتجزأ من دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية وذات سيادة - دون أي تقليص لأراضيها أو ترحيل قسري لسكانها.
ويجب أن تكون غزة والضفة الغربية - بما فيها القدس الشرقية - موحدة سياسياً واقتصادياً وإدارياً من قبل السلطة الفلسطينية التي تحظى بقبول الشعب الفلسطيني ودعمه.
ويجب أن تكون أي ترتيبات انتقالية مصممة لتحقيق حكم فلسطيني موحد ضمن إطار زمني محدود ومتفق عليه.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي،
إني أرحب بالجهود التي يقودها العرب لحشد الدعم لإعادة إعمار غزة وأؤيد تلك الجهود بقوة، والتي تم التعبير عنها بوضوح في هذه القمة.
وتقف الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد للتعاون الكامل في هذا المسعى.
ونحن ندرك أن إعادة الإعمار تتطلب حوكمة وترتيبات أمنية يمكن أن تساعد في ضمان مستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.
وندرك أيضا الدور الحاسم الذي تقوم به الأونروا التي تواصل تقديم خدماتها في أحلك الظروف.
وأود مرة أخرى أن أحيي تفاني موظفي الأمم المتحدة وجميع العاملين في المجال الإنساني - وخاصة الزملاء الفلسطينيين - الذين عانوا كثيرا ويعملون في ظروف شبه مستحيلة.
إنني أدعو إلى تقديم الدعم العاجل والكامل لعمل الأونروا، بما في ذلك الدعم المالي.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي،
وأخيراً، فإننا إذا ما وسعنا نطاق البصر إلى ما هو أبعد من غزة، نرى وضعاً مثيرا للجزع يتكشف في الضفة الغربية.
فقد شنت قوات الأمن الإسرائيلية عمليات واسعة النطاق، بما في ذلك الغارات الجوية فضلا عن نشر الدبابات لأول مرة منذ أكثر من عقدين من الزمن.
وتم تهجير أكثر من 40،000 فلسطيني قسراً خلال الشهر الماضي - وهي أكبر عملية تهجير تتم في الضفة الغربية منذ عقود.
وفي الوقت نفسه، تتواصل عمليات الهدم والإخلاء والتوسع الاستيطاني، بينما عنف المستوطنين في تزايد.
كل هذا يزيد من إضعاف السلطة الفلسطينية في وقت أصبح فيه دورها أكثر أهمية منه في أي وقت مضى.
إنني أدعو إلى التعجيل بخفض التصعيد.
ويجب أن تتوقف الأعمال أحادية الجانب، بما في ذلك التوسع الاستيطاني والتهديدات بضم الأراضي.
ويجب أن تنتهي الهجمات والعنف المتصاعد.
ويجب على إسرائيل، بصفتها سلطة قائمة بالاحتلال، أن تتقيد على نحو صارم بجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني.
ويجب دعم السلطة الفلسطينية لكي تباشر مهام الحكم بفعالية، ولكي تقوم بذلك وفقاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي،
إن الأساس الحقيقي للتعافي في غزة أكبر من الخرسانة والفولاذ.
إنه الكرامة وتقرير المصير والأمن.
وهذا يعني الالتزام بأساس القانون الدولي.
ويعني رفض أي شكل من أشكال التطهير العرقي.
ويعني بلورة حل سياسي.
فلن يكون هناك مستقبل مستدام لغزة إلا كجزء من دولة فلسطينية قابلة للحياة.
ولن يكون هناك تعافٍ إلا إذا انتهى الاحتلال.
ولن تكون هناك عدالة إلا إذا جرت المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي.
ولن تكون هناك إعادة إعمار مستدامة إلا مع أفق سياسي واضح ومحكوم بمبادئ.
يجب أن يكون للشعب الفلسطيني الحق في أن يحكم نفسه بنفسه، وأن يرسم مستقبله بنفسه، وأن يعيش على أرضه في حرية وأمان.
ويجب القيام الآن بخطوات لا رجعة فيها نحو تحقيق حل الدولتين - قبل فوات الأوان.
إن الطريق الوحيد للسلام الدائم هو ذلك الذي فيه تعيش دولتان - إسرائيل وفلسطين - جنباً إلى جنب في سلام وأمن، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتكون فيه القدس عاصمةً للدولتين كلتيهما.
وأُعلن وقوف الأمم المتحدة إلى جانبكم في هذا الجهد الأساسي.
شكراً لكم.
*****