أصحاب السعادة، الضيوف الكرام، الزملاء والأصدقاء،
نجتمع اليوم لتسليط الضوء على واحدة من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا واستمرارًا في العالم: العنف ضد النساء والفتيات.
على مستوى العالم، تعرضت واحدة من كل ثلاث نساء تقريبًا للعنف الجسدي أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتها. وهذا يعادل أكثر من ثلاثة أرباع مليار امرأة. في العام الماضي وحده، تعرضت واحدة من كل ثماني نساء للعنف من أزواجهن أو شركائهن المقربين. وبدون اتخاذ إجراءات عاجلة، ستتزوج 9 ملايين فتاة في سن الطفولة بحلول عام 2030. كما يتزايد العنف الميسر عبر التكنولوجيا ضد النساء، حيث كشفت دراسة أجريت عام 2021 في الدول العربية أن 60% من النساء اللواتي يستخدمن الإنترنت تعرضن للعنف الرقمي.
تلك ليست مجرد أرقام؛ إنها جائحة
الأردن ليس استثناءً. فالنساء هنا يتعرضن أيضًا لأشكال مختلفة من العنف، مما يبرز تحديًا مستمرًا يؤثر على الأفراد والأسر والمجتمعات.
وفقًا لمسح السكان والصحة لعام 2023، أفادت 18% من النساء المتزوجات في الأردن عن تعرضهن للعنف العاطفي أو الجسدي أو الجنسي من أزواجهن. وأكثر من نصفهن لم يطلبن المساعدة أو يخبرن أحدًا، بل واجهن الأمر بمفردهن.
إن تكلفة التقاعس كبيرة - ليس فقط من الناحية الأخلاقية ولكن أيضًا اقتصاديًا. كشفت دراسة أجرتها اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة والأمم المتحدة عام 2021 أن العنف الأسري ضد النساء والفتيات كلف الأردن أكثر من 130 مليون دينار أردني، أي ما يعادل 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي. هذه خسارة في الموارد كان من الممكن استثمارها في التعليم والرعاية الصحية والنمو الاقتصادي.
على مستوى المنطقة، نجد أن النزاعات المسلحة والنزوح تزيد من هشاشة أوضاع النساء والفتيات. في هذه السياقات، يتضاعف عدد النساء المعرضات لخطر العنف المبني على النوع الاجتماعي. ومع ذلك، فإن الجهود المبذولة لمنع هذا العنف والاستجابة له غالبًا ما تكون الأقل تمويلًا. كما يتم تجاهل النساء أنفسهن في كثير من الأحيان، وكذلك دورهن في حماية أنفسهن وبناتهن.
أدعوكم للتفكر في هذا السؤال: كم عدد النساء المشاركات في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ولبنان؟ أين أصوات الأمهات الفلسطينيات في المناقشات حول مستقبل غزة؟ وكيف يمكن حماية النساء والفتيات واحترامهن واستعادة عوائلهن وتحقيق السلام؟
لكن، وسط هذه التحديات، يمكننا أن نستمد الأمل من التقدم الملحوظ الذي يتم إحرازه هنا في الأردن.
لقد تم تحقيق خطوات كبيرة في تعزيز الأطر التشريعية لحماية النساء وتمكينهن. يشكل تعديل المادة 6 من الدستور الأردني وقانون الحماية من العنف الأسري رقم لعام 2017 معالم رئيسية تؤكد التزام الأردن بالمساواة والعدالة ودعم الناجيات.
تفخر الأمم المتحدة في الأردن بالوقوف إلى جانب الحكومة والمجتمع المدني وشعب هذا البلد في تعزيز هذه الجهود.
نعمل أيضًا معًا على تعزيز السياسات، والوقاية، والاستجابة من خلال جهود منسقة.
في مجال تطوير السياسات: في مجال تطوير السياسات، تدعم الأمم المتحدة المجلس الوطني لشؤون الأسرة والفريق الوطني لحماية الأسرة في إعداد خطة عمل وطنية متعددة القطاعات لمدة خمس سنوات لمنع العنف المبني على النوع الاجتماعي والاستجابة له، وحماية الطفل، والحماية من العنف الأسري. وتعتمد هذه الخطة على الدروس المستفادة من الخطط الحالية، بهدف تبني نهج شامل يركز على الناجيات.
في مجال الوقاية: تعمل الأمم المتحدة مع اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة والمجتمع المدني على رفع الوعي وتعزيز الرسالة بأن العنف غير مقبول أبدًا.
في مجال الاستجابة: تساعد الأمم المتحدة في بناء خدمات تتمحور حول الناجيات وتتوافق مع المعايير العالمية، من خلال جهود مثل تطوير الإرشادات الشّرطِيَّة المراعية للنوع الاجتماعي ودعم دور الإيواء مثل "دار آمنة". خلال السنوات القليلة الماضية، حصلت 190,000 امرأة وفتاة في الأردن على خدمات الوقاية من العنف المبني على النوع الاجتماعي والاستجابة له، شملت هذه الأرقام الناجيات أيضا.
في مجال التنسيق: تدعم الأمم المتحدة الآليات الوطنية مثل الفريق الوطني لحماية الأسرة لضمان استجابة موحدة للعنف.
أصحاب السعادة،
هذا تقدم مهم، لكن علينا الاستمرار في المضي قدمًا
لأن العنف ضد النساء يمكن منعه.
ونحن نعلم ما يتطلبه الأمر لتحقيق ذلك: نهج شامل يشمل الحكومة والمجتمع بأسره، بدعم من تمويل مخصص وسياسات تركز على الناجيات.
دعونا نستفيد من هذه اللحظة لتوحيد جهودنا وأصواتنا وإجراءاتنا لإنهاء العنف المبني على النوع الاجتماعي.
مع إطلاق حملة الـ 16 يومًا،
دعونا نواصل البناء على الإنجازات الأخيرة.
دعونا نعطي الأولوية للخدمات الوقائية وخدمات الاستجابة التي تركز على الناجيات.
دعونا نعزز التشريعات ونحسن التنسيق ونضمن عدم ترك أي امرأة أو فتاة خلف الركب.
إلى كل أردني وأردنية يعمل على القضاء على العنف ضد النساء والفتيات في المملكة، اسمحوا لي أن أحيي جهودكم. أنتم القادة، أنتم الأبطال، وأنتم تنيرون الطريق نحو المستقبل.
ومن خلال جهودكم، سيتم القضاء على العنف ضد النساء والفتيات في الأردن يومًا ما. وستظل الأمم المتحدة شريكًا لكم في كل خطوة تخطونها في هذا الطريق.
معًا، يمكننا أن نعزز أصوات الناجيات، ونحول المجتمعات، ونخلق مستقبلًا خاليًا من العنف المبني على النوع الاجتماعي.
شكرًا لكم