المزارعون الأردنيون يلجؤون لحلول مبتكرة لمواجهة تحدي ندرة المياه
يعتبر الأردن من أكثر البلدان التي تعاني من شح المياه في العالم ، حيث تبلغ حصة الفرد من المياه سنويا حوالي 61 مترًا مكعبًا.
الأردن (الشونة الشمالية) - بالنسبة لحسني الرياحنة ، مزارع يبلغ من العمر 63 عامًا من الشونة الشمالية في الأردن، فقد أصبح تغير المناخ وندرة المياه واقعاً ملموساً نشعر بآثاره في حياتنا اليومية.
ويقول الرياحنة الذي بدأ يعمل في الزراعة منذ 20 عاماً: "شعرنا بالتغيير خلال السنوات القليلة الماضية، حيث أصبح المناخ أكثر سخونة يصاحبه قلة في معدل هطول الأمطار، مما أثر على جودة وكمية محاصيلي".
ويضيف: "بالنسبة لي وللمزارعين الآخرين، فقد كافحنا من أجل توفير ما يكفي من المياه للتغلب على تأثير موجات الحر على محاصيلنا. تم تقليل ضخ المياه لمزارعنا بسبب محدودية إمدادات المياه. وقد كان البعض منا على وشك ترك المهنة".
يعتبر الأردن من أكثر البلدان التي تعاني من شح المياه في العالم ، حيث تبلغ حصة الفرد من المياه سنويا حوالي 61 مترًا مكعبًا. بالإضافة إلى ذلك ، فإن الموارد المائية المحدودة تشعل المنافسة بين القطاعات الزراعية والصناعية والاستخدام المنزلي. ويعتبر القطاع الزراعي، الذي يستهلك 51٪ من موارد المياه العذبة في البلاد، عرضة بشكل خاص لتغير المناخ وندرة المياه.
كما أدى النمو السكاني المتأثر بموجات اللاجئين واحتياجات القطاعات الاقتصادية والزراعية والآثار السلبية لتغير المناخ إلى تفاقم تحدي ندرة المياه.
تعد المجتمعات الضعيفة اقتصاديًا مثل المنطقة التي يقطنها الرياحنة، ولا سيما تلك الموجودة في المناطق الريفية، من بين المجتمعات الأكثر تأثراً نتيجة انخفاض الموارد المائية.
بذور التغيير
تعمل الأمم المتحدة على تعزيز تعاونها مع حكومة وشعب الأردن للاستجابة لتحدي ندرة المياه وإحراز تقدم في الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة بشأن المياه النظيفة والصرف الصحي.
أطلقت المملكة الأردنية مؤخراً استراتيجية وطنية للمياه للأعوام 2023-2040 تحدد أهداف الحكومة وخططها لتحقيق الأمن المائي.
ويعد تقليل الاعتماد على المياه العذبة عن طريق زيادة استخدام المياه المستصلحة للزراعة المروية، واستخدام وسائل ري أكثر كفاءة ، وتوسيع الزراعة البعلية وتجميع مياه الأمطار، من الأولويات الرئيسية المدرجة في هذه الاستراتيجية.
وقالت شيري ريتسيما أندرسون ، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الأردن في زيارة إلى الشونة الشمالية: "تفخر الأمم المتحدة بالشراكة مع المملكة الأردنية في تصديها لهذه التحديات المائية غير المسبوقة".
وأضافت: "تدعم الأمم المتحدة الحكومة للاستجابة بشكل أفضل لآثار تغير المناخ ومواطن الضعف". "ويشمل ذلك الدعم الفني للجهات المعنية ، وحملات التوعية، وتنفيذ المشاريع في المجتمعات المحلية، مثل جمع مياه الأمطار على أسطح المنازل، واستخدام الأجهزة المنزلية الموفرة للمياه، واستخدام المياه المستصلحة وإعادة تأهيل شبكات المياه."
الابتكار في أنظمة الري
جاء الأمل على شكل معرفة جديدة، حيث تعلم المزارعون طرق ري جديدة ساعدت في توسيع الإنتاج وزراعة أنواع جديدة من الفواكه والخضروات واستخدام المياه بكفاءة.
انضم الرياحنة ومزارعون آخرون في الشونة الشمالية إلى مدارس المزارعين الحقلية التي تدعمها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ، وهي مبادرة يتم تنفيذها منذ عام 2018 في الأردن.
وتهدف المدارس الحقلية بشكل رئيسي إلى تحسين مهارات المزارعين وتسهيل تكييف أفضل الممارسات الزراعية من أجل إدارة أكثر استدامة للمياه والغذاء.
حتى الآن، انضم أكثر من 1500 مزارع إلى هذه المدارس.
ويقول الرياحنة عن تجربته في تلك المدارس: "كان الهدف الأساسي لهذه المدارس هو المساعدة في توفير المياه للري. بعد تطبيق أساليب كفاءة استخدام المياه بما في ذلك الري بالتنقيط، قمت بزيادة مساحة مزرعتي حيث بدأت باستخدام نفس الكمية تقريبًا من المياه لسقي المزيد من المحاصيل وزراعة المزيد من الأصناف".
ويعد مشروع المدارس الحقلية واحداً من بين العديد من المشاريع والمبادرات التي تنفذها منظمة الأغذية والزراعة لتحسين الإدارة المستدامة للمياه الزراعية وزيادة كفاءة استخدام المياه للري. حصاد المياه هو أسلوب آخر يتم دعم المزارعين في الشونة الشمالية به، وذلك بفضل التعاون بين منظمة الأغذية والزراعة ووزارة المياه والري الأردنية.
"في سياق نقص المياه وبما أن القطاع الزراعي يستهلك حوالي نصف إجمالي المياه المتاحة في البلاد ، فإن تبني ممارسات زراعية وري جيدة تعمل على تحسين كفاءة المياه وإنتاجية المياه أمر ضروري للإدارة المستدامة للمياه ولإنتاج أفضل،" وفقاً لنبيل عساف، ممثل الفاو في الأردن.
ويضيف عساف: "النظم الزراعية الذكية مناخيًا، وبناء قدرات المزارعين على أفضل الممارسات وتجميع مياه الأمطار هي جزء مما نقوم بتنفيذه لزيادة توافر المياه من خلال الموارد غير التقليدية وتعزيز كفاءة استخدام المياه في الزراعة. وسيؤدي ذلك إلى إنتاج أفضل وتغذية أفضل وبيئة أفضل لحياة أفضل، وعدم ترك أي شخص خلف الركب".
تحول الزراعة باستخدام المياه
يقود التحول في استخدام المياه وكفاءتها ابتكارات جديدة عبر القطاعات التي يمكن أن تساعد في إحداث التأثير.
وفي هذا السياق، تقدم الفاو المساعدة للأردن لتوسيع الزراعة المائية والأحيومائية، والتي توفر فرصة أخرى لقطاع الزراعة في البلد الذي يعاني من ندرة المياه لإنتاج المزيد من المحاصيل، مع استخدام كميات أقل من المياه.
وبالتعاون مع وزارة الزراعة ، أنشأت الفاو مشتلًا في شمال الأردن لتطبيق هذه الطريقة، وحتى الآن، تعلم 1500 مزارع وطالب تقنيات الزراعة المائية والأحيومائية، بحسب بهجت سوالمة، رئيس مشتل الفيصل.
وقال سوالمة إن هذه التقنيات الجديدة توفر ما يصل إلى 80٪ من استخدام المياه مقارنة بالتقنيات التقليدية. "بالإضافة إلى ذلك ، فهي تضمن استمرارية الحصول على منتجات عالية الجودة مثل الفراولة والطماطم والخيار والخضروات الورقية على مدار العام".
بالإضافة إلى أنظمة الزراعة المائية والأحيومائية وبدعم من منظمة الأغذية والزراعة والشركاء ، سيتم تزويد ما يقرب من 400 مبنى عام و 7850 منزلاً بهياكل لحصاد مياه الأمطارعلى الأسطح. ويساعد هذا في بناء القدرة على التكيف مع المناخ على مستوى الأسرة مع تحسين الوصول إلى المياه والاستخدام الفعال للمياه وكذلك في المباني العامة المختارة مثل المدارس والمساجد والبلديات بمساعدة حصاد المياه على مستوى المجتمع المحلي.
بالنسبة للمزارعين في الشونة الشمالية، هذه خطوات في رحلة طويلة مستقبلاً، لإعادة تشكيل مستقبل الزراعة والأمن الغذائي في الأردن.
ويختتم الرياحنة: "هناك حاجة إلى مزيد من العمل الجماعي لمعالجة هذه الآثار طويلة الأمد لتغير المناخ وضمان استدامة الزراعة. نحتاج إلى الحفاظ على هذه الصناعة ولكننا بحاجة إلى التغيير والتكيف لضمان الأمن الغذائي للأجيال القادمة".