ملاحظات أدلى بها الأمين العام في قمة جامعة الدول العربية 2022 في الجزائر
السيد الرئيس، أتوجه إليكم بجزيل الشكر على دعوتكم. وأشكر الشعب الجزائري على كرم ضيافته.
أصحاب السمو،
أصحاب المعالي،
معالي الأمين العام أبو الغيط،
السيدات والسادة،
السلام عليكم.
يشرفني أن أكون معكم مرة أخرى لنرسّخ الشراكة القوية بين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
إن عالمنا يواجه شدائد ومحنا رهيبة.
فالانقسامات الجغرافية السياسية تزداد. وأوجه التفاوت تتعمق.
والتعاون هو السبيل الوحيد للمضي قدما.
وللمنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية دور حيوي تؤديه في عالم اليوم.
ويجب أن نعمل معا للنهوض بالقيم التي بنيت عليها الأمم المتحدة، إلا وهي السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان.
أصحاب المعالي،
اسمحوا لي أن أبدأ بالمعاناة المستمرة في فلسطين.
إن موقف الأمم المتحدة واضح في هذا الشأن: لا بد للسلام أن يتقدم - ولا بد للاحتلال أن ينتهي.
ويبقى هدفنا المشترك هو قيام دولتين - إسرائيل وفلسطين - تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، على أن تكون القدس عاصمة لكلتا الدولتين.
وفي الوقت نفسه، فإن الأزمة المالية التي تهدد وجود الأونروا تؤثر على حقوق اللاجئين الفلسطينيين وعلى رفاههم.
وأحثكم على تقديم الدعم السخي للأونروا، التي تشكل ركيزة حيوية للاستقرار الإقليمي.
وأتطلع إلى مواصلة عملنا معا لمواجهة التحديات في جميع أنحاء المنطقة - بدءا من سوريا ولبنان واليمن ... وصولا إلى السودان والصومال وليبيا.
إن عدم الاستقرار أو النزاعات ما زالت مستمرة والاحتياجات الإنسانية ما فتئت تتزايد.
فلنواصل جهودنا المشتركة للتوصل إلى حلول متعددة الأطراف تلبي تطلعات الشعوب المشروعة للسلام والحرية والعدالة.
أصحاب المعالي،
إننا إذا تفحصنا أي بقعة في المشهد العالمي، رأينا تفشيا في أوجه الظلم وعدم المساواة - ولا سيما بالنسبة لبلدان الجنوب.
وفي مختلف أنحاء العالم العربي وأفريقيا وخارجهما، تتوالى الضربات الموجعة على البلدان من كل الجهات: فهذه البلدان التي أضعفتها النزاعات، تعاني أيضا من وطأة جائحة كوفيد-19، وترزح تحت ضغط أزمة المناخ.
وها هي تواجه الآن تداعيات الحرب في أوكرانيا، والارتفاع الشديد في أسعار الغذاء والطاقة، والتضخم المتنامي، وأعباء الديون القاصمة.
إن البلدان النامية في كل مكان تحتاج إلى العدالة، أي إلى مزيد من الدعم.
فالحكومات في نصف العالم تقريبا، بما في ذلك في جميع أنحاء المنطقة العربية وأفريقيا، لا تحصل على ما تحتاجه من تمويل.
وإنني أنادي بوضع خطة لتحفيز أهداف التنمية المستدامة - بقيادة مجموعة العشرين - لتعزيز الاستثمار في التنمية المستدامة للاقتصادات الناشئة.
لزيادة السيولة.
وللإسراع في تخفيف عبء الديون وإعادة هيكلتها بشكل شامل وفعال وعادل.
كما أننا نعمل دون كلل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين على إنهاء تعليق في مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب وتوسيع نطاقها وإزالة جميع العقبات المتبقية أمام تصدير الأغذية والأسمدة الروسية.
فهذه المبادرة حيوية بالنسبة لمنطقتكم ولعالمنا.
لقد أبحرت السفن. فعادت قنوات الإمداد تضخّ المواد الغذائية. وانخفضت الأسعار.
وهذا أمر بالغ الأهمية. وينبغي ألا يتوقف.
ففي نهاية المطاف، إن كل زيادة، ولو بنسبة ضئيلة، في أسعار المواد الغذائية تدفع بالمزيد من الناس والمجتمعات المحلية نحو الفقر والجوع، وفي كثير من الظروف، نحو المعاناة من عدم الاستقرار.
ويجب أن نفعل ما في وسعنا لضمان استمرار نجاح مبادرة البحر الأسود للحبوب لتوفير الإغاثة للمحتاجين، بما في ذلك بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعتمد على الأغذية والأسمدة التي يمكن الوصول إليها بشكل ميسّر وبأسعار معقولة - من أوكرانيا والاتحاد الروسي على حد سواء.
أصحاب المعالي،
إن الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في شرم الشيخ تشكل فرصة حيوية أخرى لاستعادة الثقة بين البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية.
ويتعين على البلدان الأكثر ثراء أن تقود هذه الجهود.
ويتعين عليها أن تخفض انبعاثاتها هذا العقد- بما يتماشى مع الإبقاء على الاحترار العالمي في حدود 1,5 درجة مئوية - وأن تتحول بالكامل إلى الطاقة المتجددة.
ويجب عليها أخيرا تعبئة 100 بليون دولار سنويا لدعم البلدان النامية في بناء القدرة على الصمود.
كما أن نصف إجمالي التمويل المرصود للمناخ يجب أن يُخصص لجهود التكيّف.
لقد جئت للتو من باكستان، وقد انفطر قلبي لرؤية منطقة غمرتها المياه تبلغ ثلاثة أضعاف مساحة بلدي، البرتغال.
ويجب علينا أن نعالج على وجه السرعة الآثار المناخية التي تتجاوز قدرات البلدان على التكيف.
إن اتخاذ إجراءات بشأن الخسائر والأضرار هو واجب أخلاقي يجب أن يحتل الصدارة في الجهود المبذولة في إطار الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية.
فليس من الأخلاقي ولا من المعقول أن نتوقع من مجتمعات لم يكن لها ضِلعٌ في التسبب بارتفاع درجة حرارة العالم أن تدفع ثمن الآثار المناخية.
أصحاب المعالي،
اسمحوا لي أن أختتم بياني بتوجيه نداء نهائي.
إن وحدة العالم العربي هي علّة وجود الجامعة العربية.
وفي هذا الوقت الذي يشهد انقسامات جغرافية سياسية متزايدة، تصبح هذه الوحدة أكثر أهمية من أي وقت مضى.
فالانقسام يفتح الباب أمام التدخل الأجنبي- غير العربي- وأمام الإرهاب، والتلاعب، والفتن الطائفية.
غير أن قيادتكم قادرة، باتحادها، على تشكيل منطقة تحقق الاستفادة القصوى من إمكاناتها الهائلة وتسهم في السلام والأمن العالميين.
منطقة تركز على حل الخلافات من خلال الحوار، المتجذر في الاحترام والمصلحة المتبادلة.
وأثناء قيامكم بهذا العمل، يمكنكم الاعتماد عليّ وعلى الأمم المتحدة لمواصلة شراكتنا العميقة من أجل تحسين حياة شعوب المنطقة العربية وعالمنا.
شكرا لكم.