السلام هو الإرث المستدام الوحيد الذي يمكننا تركه للأجيال القادمة
بقلم نجوى نجداوي ، شرطة الأمم المتحدة من الأردن
"انضممت لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص في كانون الثاني (يناير) 2021 كضابط دورية في القطاع 2 ، في ذلك الوقت كان لدي بالفعل ثلاثة عشر عامًا من الخبرة في العمل الشرطي في بلدي الأم، الأردن. هنا في قبرص، أعمل مع نظرائي من العسكريين والمدنيين كل يوم للمساهمة في الحفاظ على واستعادة القانون والنظام في المنطقة العازلة. يتضمن جزء من واجباتي مراقبة النشاط المدني في منطقة العمليات لدينا، وبالاجمال ، للمساعدة في العودة إلى الظروف الطبيعية داخل المنطقة. كما أنني أتفاعل مع نظرائي المحليين من الشرطة على جانبي الجزيرة. يعتبر حفظ السلام في قبرص تجربة مليئة بالتحديات، بالنظر إلى الظروف السياسية، إلا أنها تجربة مجزية للغاية.
كانت رغبتي في العمل والتعلم وتبادل الخبرات مع زملائي من مختلف البلدان ذات الثقافات المختلفة سببًا لانضمامي إلى عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ، ولكون ان هذه هي المنظمة التي تعد الأكبر والأكثر تنوعًا التي يمكن للمرء أن يجد نفسه فيها، وتمكنه من توسيع آفاقه.
تتطلب طبيعة عملي في البعثة مهارات معينة لأتمكن من التنسيق مع جهات إنفاذ القانون لكلا الطرفين، وقد ساعد ذلك الدور بشكل كبير في تطوير المهارات الي امتلكها في الاتصال والتفاوض وكيفية الوصول الى حل وسط يرضي الطرفين ( التسوية ) ، وقبول الآخر والتحلي بالصبر في التعامل مع القضايا المختلفة.
و للحفاظ على الوضع السلمي داخل المنطقة العازلة، أعمل عن كثب مع قوات حفظ السلام في القطاع 2 ، ونقوم بدوريات على أساس منتظم ، ونبلغ عن أية حوادث نلحظها في المنطقة ونبدأ في تسيير دوريات مشتركة في وقت متأخر من الليل.
ان عملي يحفزني حقًا، لا سيما عندما أرى الاستجابة السريعة والمتابعة الحثيثة من قبل الأفراد العسكريين المعنيين وقسم الشؤون المدنية وادارة المهمة. ما يلهمني هو أن هذا التعاون يساعد على تحقيق نتائج مثمرة وأدى إلى العديد من النجاحات والإنجازات، وأبرزها حل النزاعات بين المزارعين ومساعدتهم على التعايش مع بعضهم البعض مع الحفاظ على الوضع السلمي داخل المنطقة العازلة.
خلال عملي في ليدرا ، عملت كنائب لقائد قوات الشرطة في قطاع ٢ بالإنابة ،وكانت لدي تجربة فريدة من نوعها في العمل في هذا المنصب، خاصة خلال زيارة البابا فرنسيس إلى قبرص في أوائل ديسمبر، حيث اقيم هذا الحدث في كنيسة الصليب المقدس والكاتدرائية المارونية، وهي تقع داخل منطقة الاستخدام المدني في المنطقة العازلة. لقد اكتسبت الكثير من الخبرة خلال هذه الفترة ، حيث عملت مع عناصر المهمة التابعون لقوات الامم المتحدة لحفظ السلام في قبرص ؛الشرطة و العسكريين بالزي الرسمي والمدنيين وكذلك عملت عن كثب مع السلطات القبرصية وفريق أمن الفاتيكان لضمان أمن البابا أثناء تواجده في المنطقة العازلة. عملنا دون توقف خلال هذه الفترة لمدة 3 أيام. لقد نسينا التعب وفكرنا فقط في نجاح عملنا. ومع نهاية ثلاثة أيام من العمل المكثف، كوفئنا بلقاء البابا شخصيًا. كان أحد إنجازاتي في القطاع 2 هو العمل والتعامل مع قضية طالبي اللجوء الذين تقطعت بهم السبل داخل المنطقة العازلة. قدمنا لهم الخدمات الطبية واعتنينا بهم أثناء إقامتهم. جعلني هذا العمل الإنساني أذكر أن ميثاق الأمم المتحدة يبدأ: ب"نحن الشعوب".
إذا كنت سأقدم أي نصيحة لضباط الشرطة الذين يرغبون في العمل كمراقب دولي في حفظ السلام ، فإن الأمر، في بعض الأحيان، ليس بالصعوبة التي يعتقدها البعض. في بعض الحالات، يكون الأمر صعبًا ولكن من خلال التغلب على التحديات، نزداد قوة لنكون قادرين على كسر الحواجز.
أشعر حقًا أن تكريس نفسي لقضية أكبر من خلال عمليات السلام هو أفضل شيء قمت به على الإطلاق. أنا فخورة بكوني أحد ضباط قوات حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة الذين يعملون تحت علم الأمم المتحدة في قبرص. سأشجع دائمًا الناس على الانضمام إلى عمليات حفظ السلام لأن السلام هو الإرث المستدام الوحيد الذي يمكننا تركه للأجيال القادمة."