معالي المهندسة مها علي، الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة،
أصحاب المعالي والسعادة
الضيوف الكرام، الزملاء والأصدقاء،
مساء الخير،
يشرفني أن أكون معكم هذا المساء في افتتاح أسبوع أفلام المرأة الثالث عشر. وهذه هي المرة الثالثة التي أقف فيها أمامكم لأفتتاح هذا الحدث الاستثنائي منذ وصولي إلى الأردن، وفي كل مرة أشعر بالإلهام من خلال الشجاعة والإبداع التي تبديها النساء في تلك الأفلام المعروضة، وهذه السنة ليست استثناءً.
يمثل هذا المهرجان مساحة تُروى فيها قصص النساء بصدق وشفافية. دون فلترة، دون تسطيح، بل تُروى بكلماتهن، ولغاتهن وبعدساتهن.
هذه الأفلام هي مرآة للواقع. نشهد فيها الأفراح، والأحزان، والقوة، والنضالات التي تُعرّف حياة النساء حول العالم. وهي تحفز نقاشات مهمة حول أبرز التحديات التي تواجه النساء اليوم، وتُطلق دعوة للعمل.
يتزامن أسبوع أفلام المرأة هذا العام مع محطات هامة في مسيرتنا على مستوى العالم:
- الذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بيجين – أكثر الأجندات طموحًا وتقدمًا للنهوض بحقوق النساء والفتيات.
- الذكرى الخامسة والعشرين لقرار مجلس الأمن رقم 1325 حول المرأة والسلام والأمن.
- والذكرى الخامسة عشرة لتأسيس هيئة الأمم المتحدة للمرأة، التي لا تزال تقود جهود الأمم المتحدة في تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء حول العالم.
تُذكرنا هذه المحطات بمدى التقدم الذي أحرزناه – ولكن أيضًا بمدى هشاشة هذا التقدم.
في الأردن، شهدنا إنجازات مهمة خلال العام الماضي، لا سيما في توسّع مشاركة النساء في الحياة السياسية. فقد تجاوز الأردن الآن المعدل الإقليمي لتمثيل النساء في البرلمان، حيث يشكلن 20% من أعضائه.
تلك إنجازات يجب أن نحميها ونبني عليها. فهي تعكس فهماً متزايدًا بأن لا مجتمع يمكن أن يزدهر بحق دون المشاركة الكاملة والمتساوية لجميع أفراده – بمن فيهم النساء.
ورغم إشادتي بالتقدم الذي أحرزه الأردن، لا بد من لفت الانتباه إلى أن أوضاع النساء والفتيات في المنطقة والعالم قد شهدت تراجعًا مقلقًا خلال العام الماضي.
نشهد تهديدات لحقوق وحريات النساء والفتيات تُنذر بتقويض المكاسب التي ناضلت من أجلها أجيال. من حظر التعليم، إلى الإقصاء السياسي، وتصاعد العنف ضد النساء في مناطق النزاع – فإن تآكل هذه الحقوق ليس مجرد أمر نظري، بل هو واقع ملموس وملحّ.
في مواجهة هذه التحديات، هناك حقيقة واحدة لا تقبل الشك: مستقبل حقوق النساء يعتمد علينا. علينا جميعًا أن نعمل معًا، وألا نتراجع، وألا نتوقف.
وهنا تكمن خصوصية هذا المهرجان. إنه إعلان حي ونابض صادر عن مختلف أطياف المجتمع – من فنانين وسردة قصص، ومنظمات مجتمع مدني، وهيئات أفلام، وجهات مانحة وحكومات داعمة – بأن قصص النساء مهمة. بأن أصوات النساء يجب ألا تُسمع فقط، بل يُنصَت إليها، وتُترجم إلى أفعال، ويُسمَح لها بالقيادة.
وهنا، أود أن أقدم تحية خاصة هذا المساء إلى صُنّاع هذه الأفلام – إلى كل من ساهم في إحياء هذه القصص القوية.
إن عملكم ومساهمتكم شهادة على التزامكم الراسخ بالنهوض بحقوق النساء والفتيات.
وفي زمن يسعى فيه البعض لإسكات النساء، وتقييدهن، ومحو وجودهن، فإن دعمكم يمثل إصرارًا وأملًا لا يتزعزعان. إنه إعلان يقول: لا، لن نهزم. لن نتراجع. ولن نقبل بأقل من المساواة الكاملة.
ولجميع محبي السينما، الليلة وطوال الأسبوع، فإن حضوركم بحد ذاته هو إيمان – إيمان بأن أصوات النساء تستحق أن تُسمع، بأن الحقيقة مهمة، وبأن الثقافة قادرة على تغيير العالم. وأنكم تدعمون المساواة في الحقوق للنساء والفتيات.
إلى هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الأردن، شكرًا على قيادتكم ورؤيتكم.
إلى الهيئة الملكية للأفلام، شكرًا لوقوفكم إلى جانب السردة، وإلى جانب النساء والفتيات في الأردن، وفي المنطقة، وفي العالم.
وإلى صديقتي غادة – إن تفانيكِ على مدى 13 عامًا هو ما ضمن استمرار هذا المهرجان وتطوره.
دعونا نغادر هذا المساء ونحن نشعر بالإلهام – ليس فقط من خلال ما شاهدناه على الشاشة، بل مما يمكننا تحقيقه معًا.
ولتذكرنا هذه الأفلام بأنه رغم أن التقدم قد يكون بطيئًا أو مهددًا، إلا أنه لا يزال ممكنًا – حين نختاره، وحين ندافع عنه.
لأنه حتى خلال أطول الليالي، نعلم أن الضوء سينتصر في النهاية على الظلام.
شكرًا لكم.