في مقابلة، تناقش شيري ريتسيما-أندرسون الآثار المترتبة عن حرب غزة على الإيمان بالحقوق الإنسانية الدولية؛ والفرص التي يوفرها قمة المستقبل لاستعادة الثقة.
أدناه ترجمة غير رسمية لنص المقابلة:
العالم أصيب بخيبة أمل وفقدان ثقة بالقانون الدولي بعد ما شهدناه في الحرب على غزة
حذرت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الأردن، شيري ريتسيما أندرسون، من أثر نقص التمويل على استمرارية برامج الأمم المتحدة الموجهة للاجئين في الأردن، مؤكدة أن التحديات التمويلية التي تواجه منظمة الأمم المتحدة باتت "مصدر قلق" رئيس.
وأكدت أندرسون في مقابلة حصريّة لـ"الغد"، أن المنظمة الأممية "لا تتزعزع" في التزامها بدعم اللاجئين- الفلسطينيين والسوريين- في الأردن. وتبحث في جميع الخيارات الممكنة لضمان حصولها على الأموال، لمواصلة خدمة اللاجئين.
وقالت "وصلنا إلى نقطة نحتاج فيها لالتزام مستدام من الجهات المانحة في هذه المرحلة لخدمة اللاجئين السوريين والفلسطينين".
وقالت، إن العالم أصيب بخيبة أمل وفقدان ثقة بالقانون الدولي والأنظمة الدولية، بعد ما شهدناه في الحرب على غزّة، وهذا يتطلّب- وفقها، تعزيز حوار فعال وبنّاء مع الشركاء والجهات والمؤسسات المعنيّة، لإيصال رسالة للعالم، بأن الحل ليس بالتخلي عن القوانين بل بتعزيز وتطبيق القوانين الدولية التي عملت عليها الأمم المتحدة لعقود.
وأشارت أندرسون إلى مبادرات إصلاحيّة، ستطرح في مؤتمر "القمّة المعني بالمستقبل"، والذي سيعقد في أيلول (سبتمبر) المقبل في نيويورك، بحيث تتضمن هذه المبادرات اقتراح آليات تصويت جديدة في مجلس الأمن.
وأضافت أنه برغم أن هذه القرارات تتخذها الدول، لكن الأمين العام للأمم المتحدة شجع الدول لأعوام على ضمان أن تكون هيئات المنظمة الأممية وآلياتها، تمثيلية بالكامل، وشاملة "تستجيب لاحتياجات ومصالح جميع البلدان"، مشيرة إلى أن هناك فرصة عظيمة ليكون للدول العربية صوت أقوى وأكثر تأثيرا.
وأشارت إلى أنّ التمويل، بدأ يتراجع في الأعوام الماضية، ما ينعكس على عدد من البرامج والمشاريع في الأردن. مشيرة في الوقت ذاته، إلى أن برنامج الأغذية العالمي، على سبيل المثال، أضطر العام الماضي لتخفيض عدد المستفيدين من المساعدات الغذائية وقيمة المساعدات الغذائية الموجهة للاجئين السوريين.
كما اضطرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) لإغلاق أكثر من 20 مركزا من مراكز "مكاني" التابعة لها، والتي تدعم الشباب الأردنيين والسوريين في المملكة. كما اضطرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين العام الحالي، لتخفيض عدد العائلات من اللاجئين السوريين المستفيدين من المساعدات النقدية.
أما بالنسبة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فما تزال عملياتها التي تدعم لاجئي فلسطين، تسير على أسس لا يمكن التنبؤ بها، مع انقطاع تمويل المانحين، ما يتركها دون تمويل مضمون حتى حزيران (يونيو) العام الحالي.
ولتمديد التمويل المتوافر، تدرس الأمم المتحدة اتخاذ إجراءات بالاعتبار مثل دمج مراكز صحية في مركز صحي واحد في مخيمات اللاجئين السوريين، أو تأخير تحسينات مثل الطرق في المخيمات أيضا، حتى تتمكن من الحفاظ وتقديم أنواع أخرى من المساعدات.
وأكدت أندرسون، أن الأمم المتحدة "لا تتزعزع" في التزامها بدعم اللاجئين- الفلسطينيين والسوريين- في الأردن.
وتبحث في الخيارات الممكنة لضمان حصولها على الأموال لمواصلة تقديم الخدمات للاجئين، ولكن "وصلنا إلى نقطة نحتاج فيها لالتزام مستدام من الجهات المانحة في هذه المرحلة لخدمات اللاجئين السوريين والفلسطينين".
ودعت الشركاء إلى إيجاد حلول للحفاظ على المكاسب التي كانت الأمم المتحدة والشركاء قد حققتها، والحفاظ على الدعم المالي للبرامج الحيوية، لتحقيق الأهداف الإنسانية والإنمائية في الأردن.
كما أكدت أنّ الأمم المتحدة، تسلط الضوء باستمرار على الحاجات التمويلية الملحة وبيان العواقب التي قد تحدث، إذا لم يقدم التمويل والدعم المناسبين. كما تعمل الأمم المتحدة مع الجهات المانحة، لإيجاد طرق لمواصلة توفير التمويل المطلوب، وتحديد الأولويات للفترة المقبلة.
وقالت "إن هناك خطرا كبيرا يتمثل بعدم وجود تمويل كافٍ للقيام بما يتعين علينا القيام به"، مضيفة أن نقص التمويل قد يؤدي لتفاقم الضعف بين اللاجئين السوريين وزيادة خطر انقطاع امدادت المياه في مخيمات اللاجئين السوريين بعد حزيران (يونيو).
وأكدت أن الأردن، يبقى أحد أفضل الدول التي قدّمت مثالا يحتذى به في استضافة اللاجئين وتقديم الدعم الإنساني لمن يحتاجه، فـ"الأردن منذ عقود، وعلى مدى الـ75 عاما الماضية، قدم خدمة عامة عالمية للإنسانية".
وأضافت، أنه وبرغم الضغوط عليه في العقود الماضية، لكنه "واصل إظهار كرم هائل وتضامن مع الأشخاص الأقل حظا، والذين يحتاجون إلى ملجأ آمن".
ولفتت أندرسون، الى "أن الطريقة التي رحب بها الأردن باللاجئين السوريين ودعمهم في الاعوام الـ 13 الماضية، كانت جديرة بالثناء ومبتكرة، سواء في أنواع الدعم، أو في كيفية العمل مع المانحين والأمم المتحدة. وقد رأينا ذلك على سبيل المثال، عبر تطبيق نظام الفترتين في المدارس لاستقبال أطفال اللاجئين السوريين بمدارس المملكة، والسماح للاجئين بالاستفادة من النظام الصحي الوطني، وغيرها من القطاعات أخرى". إلا أن تقديم تلك الخدمات، يعتمد أيضا على التمويل، وفقا لاتفاقية الأردن Jordan Compact.
منظومة حقوق الإنسان بعد غزة
وترى أندرسون، أنّ أحد أهم القضايا المطروحة حاليا، والتي لا بدّ من أن تكون ضمن أولويات الأمم المتحدة والحكومات والمجتمع المدني والإنسانية جمعاء، هي قضيّة فقدان الثقة في القانون الدولي والأنظمة الدولية، وخاصة بعد الحرب على قطاع غزّة، واصفة ذلك بالـ "الأمر الخطر" الذي "يسبب لها الأرق ".
وأكدت ضرورة التعامل مع هذه القضية عبر عدّة مسارات، حتى لا نفقد ما جرى بناؤه في العقود الماضية بإرساء منظومة لحقوق الإنسان، تتساوى فيها المجتمعات في أنحاء العالم كافة.
وقالت إن فريق الأمم المتحدة، يعمل على تعزيز الحوار الفعال والبناء مع الشركاء والجهات والمؤسسات المعنيّة في المجتمع الأردني، للإجابة عن الأسئلة التي "نحتاج للانخراط حولها بصراحة وصدق، وبطريقة مثمرة"، بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والإخفاقات التي نشهدها في المنطقة والعالم، وضمان إعادة التأكيد على القانون نفسه، باعتباره مهما وضروريا للإنسانية جمعاء، ومن دونه لا يمكن للعالم أن يكون متساويا.
وأشارت إلى أن "الموت والدمار المتواصلين في غزة، أمر مؤسف وغير مبرر. فالغضب الذي يشعر به الأردنيون وغيرهم في المنطقة، وهم مجبرون على مشاهدة ما يحدث هناك دون أي وسيلة لوقفه، أمر مفهوم. لقد أمضيت أعواما عديدة أعمل وأعيش في غزة والضفة الغربية منذ 2009، لذلك أشعر بالرعب يوميا وأنا أشاهد استمرار المذبحة".
لكنها أشارت إلى أن الحل ليس بالتخلي عن القانون الدولي، بل بتنفيذه وتفعيله، مشددة على ضرورة أن تتحمل الدول وأطراف الصراع الأخرى، مسؤولية تنفيذه في أراضيها، وأن تكفل الدول الأخرى المساءلة الجماعية.
وبينت أندرسون أن المسار الآخر، هو عمل الأمم المتحدة في العالم مع الدول الأعضاء وحكوماتها ومنظمات المجتمع المدني فيها الى جانب الشركاء المعنيين، لإبراز دور الأمم المتحدة وما تقوم به من أنشطة ومشاريع في دول مختلفة، لتعزيز منظومة حقوق الانسان في العالم، بما فيها البلدان التي تعيش في سلام، كالأردن.
وأشارت إلى أن الأمم المتحدة في الأردن على سبيل المثال، تعمل وتدعم الحكومة، ومع المجتمع المدني والمركز الوطني لحقوق الإنسان لتعزيز حقوق الإنسان، ومساعدة الشعب الأردني على تحقيق أهدافه وطموحاته.
على المستوى العالمي (المسار الثالث)، قالت أندرسون إن الأمم المتحدة تستضيف في أيلول (سبتمبر) المقبل مؤتمر "قمة المستقبل"، والذي سيعقد بمشاركة الدول الأعضاء لمناقشة قضايا ذات أهميّة مطروحة حاليا، وسيجري تناول مواضيع تتعلق بالتكنولوجيا والابتكار للشباب في المستقبل، كما ستطرح طرق تعزيز تطبيق ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، مع التأكيد على أن القانون الدولي ما يزال صالحا وقابلا للتطبيق.
ولفتت إلى حاجتنا حاليا لأن تعيد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، تأكيدها على التزامها بالقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.
مؤتمر القمّة المعني بالمستقبل
وحول مؤتمر قمة المستقبل الذي يعقد في نيويورك أيلول (سبتمبر) المقبل، أكدت أندرسون أنّ لهذا المؤتمر أهميّة، بخاصة لكونه يتزامن مع ما يشهده القطاع حاليا، وسيجتمع فيه قادة العالم، للتوصل إلى توافق دولي جديد في الآراء بشأن كيفية تحقيق حاضر أفضل مع حماية المستقبل، مبينة أنه سيكون فرصة لترميم ما تآكل من الثقة، وإثبات قدرة التعاون الدولي على التصدي بفعالية لتحديات الحاضر، والتي برزت بشكل أكبر في الأعوام الأخيرة.
وسيؤكد قيم حقوق الإنسان، وميثاق الأمم المتحدة، الذي من شأنها تعزيز الأمن والسلام للناس في كل مكان.
وقالت إنّ هذا المؤتمر هو بمنزلة "لحظة تأمل حقيقية"، لنقول متى تكون القيم التي تنادي بها الأمم المتحدة في خطر، وعندما لا تنعكس هذه القيم على الحياة اليومية، خاصة مع ما نشهده حاليا، فهذا المؤتمر وفقها، من شأنه تعزيز التعاون بين الدول، للسير قدما بدعم الإنسانية، معتبرة بأنّه فرصة لأن يكون لدول المنطقة العربية صوتا قويا، ذا تأثير كبير في المستقبل.
كما أشارت أندرسون إلى مبادرات الإصلاح التي سيجري اقتراحها في القمة، بما في ذلك آليات التصويت في مجلس الأمن.
وأشارت إلى أنه برغم أن هذه القرارات تتخذها الدول، لكن الأمين العام للأمم المتحدة، شجع الدول لسنوات على ضمان أن تكون هيئات وآليات المنظمة، تمثيلية بالكامل، وشاملة تستجيب لاحتياجات ومصالح جميع البلدان. وهي ترى فرصة عظيمة فيها، ليكون للدول العربية صوتا أقوى وأكثر تأثيرا.
وأضافت "تغير العالم منذ تأسيس الأمم المتحدة في عام 1945، ونحن بحاجة لهذا الصوت العربي ليجتمع مع الأصوات الأخرى، ليقولوا: انظروا، نحن ملتزمون بالإنسانية، وبالعمل الجماعي عبر الأمم المتحدة، وأينما نرى بأن القيم المشتركة تفشل، سواء في المنطقة أو خارجها، سنوفر القيادة لإصلاح أوجه القصور، ولضمان تمتع الجميع بحقوق متساوية على مستوى العالم، وعمل الجميع بالوسائل السلمية والسياسية لإيجاد حلول للأزمات الجديدة، وتلك العالقة".
وبينت أندرسون أنّ الأمم المتحدة تركز على محور مهم، وهو: كيفيّة بناء عالم أفضل للأجيال القادمة من الشباب، وكيف نستفيد من إمكانياتهم، ونوظفها بطريقة أكثر فعاليّة وبما يعود بالنفع على الإنسانيّة، وكيف نساعدهم في الحصول على الفرص بشكل عادل.
وأضافت أن القمة، ستركز على كيفية تحويل الأنظمة والتكنولوجيا الحديثة والمساحات الرقميّة والابتكار والذكاء الاصطناعي، لخدمة التنمية التي تؤدي الى الرخاء والإزدهار وبشكل متساو مع الجميع.
وأشارت إلى أنّ الأمم المتحدة، حددت وطرحت 12 قضية أساسيّة لمناقشتها، والتباحث بها من الدول الأعضاء والمشاركة في المؤتمر، وذلك في محاولة من الأمم المتحدة لمساعدة الدول في التوصل لمقترحات وحلول لهذه القضايا قابلة للتطبيق، وملتزم بها، بحيث أنّ أي قرار أو سياسة وتوصية، سيخرج بها هذا المؤتمر، ستكون نتاج حوار ونقاش من الدول المشاركة.
وأضافت أنّ الأمم المتحدة تعمل مع الحكومات والمجتمع المدني من العالم، والجهات ذات العلاقة للمساعدة بإشراك أصوات العرب والمساهمة في تلك المحادثات التي ستعقد بنيويورك، في الولايات المتحدة.
وأكدت أنّ الأمم المتحدة تدعم الدول العربية على جميع الأصعدة سواء من داخل هذه الدول أو من مكاتبها في نيويورك، ليكون لها ممثل وصوت في الأمم المتحدة، مبينة أنّ مشاركة الدول العربيّة في هذا المؤتمر، مهمة جدا للضغط وتحصيل هذا الهدف.
ولفتت أندرسون، إلى أنه "إذا كان العرب لا يرون بأن احتياجاتهم وحقوقهم ومساهماتهم تحظى بالاهتمام على قدم المساواة في العالم، فهذه هي اللحظة المناسبة لرفع صوتهم والتفاوض على التغيير".
وبينت أن قمة المستقبل تطالب بتقديم حلول مشتركة للتحديات والفرص في عالم متغير.
وأشارت إلى أن القمة العربية المقرر عقدها لهذا الأسبوع في البحرين، هي فرصة لهذه المنطقة للاتفاق على كيفية مشاركتها في القمة.
وأضافت "أتطلع إلى أن يلعب الأردن، كما هو الحال دائما، دورا فاعلا في هذا الملف"، فـ"الأردن ممثلا بجلالة الملك عبدالله الثاني، له حضور قوي جدا في نيويورك، وهو شخصية مقنعة تتمتع بمصداقية عالية جدا عالميا".
دعم المرأة والشباب
ورأت أندرسون بأنّ هناك دعما كبيرا يوجه لصالح المرأة في الأردن، سواء من الحكومة أو المانحين والأمم المتحدة، لكن هذا لا يعني بأننا لسنا بحاجة لمزيد من التغييرات التي تصب في صالحها، بما في ذلك، على مستوى القوانين والسياسات.
واوضحت أنّ الأمم المتحدة والمنظمات التي تنطوي تحت مظلّتها، تولي قضايا المرأة في الأردن وحقوقها اهتماما كبيرا، فهي تدعم تمكينها اقتصاديا وسياسيا، دعما لرؤية التحديث الثلاثية في المملكة، فهناك برامج تستهدف تمكين النساء في البدء بأعمالهن التجارية الخاصة، وهناك برامج تستهدف دعم المشاريع المنزليّة الميكرويّة لتنميتها وتوسيعها، كما أنّ هناك مشاريع زراعيّة، جرى دعمها من منظمة الأغذية والزراعة، بالتعاون مع شركاء محليين، مستهدفة المجتمعات المحلية، إذ قامت بتعليم مزارعين كيفية استخدام طرق زراعيّة مبتكرة لتوفير المياه، وجرى التشبيك ضمن المشروع ذاته مع نساء يقمن بإنتاج الأغذية من منازلهنّ.
وأشارت إلى أنّ هناك مداولات حالية بين منظمات الأمم المتحدة والحكومة والممولين، لإيجاد حلول لزيادة مشاركة المرأة الاقتصاديّة، إذ سيجري التركيز عبر البرامج المتنوعة على إيجاد حلول للعوائق والتحديات التي تقف في وجه دخول المرأة إلى سوق العمل واستمرارها فيه، ومثال ذلك، ما يتعلّق بتوفير وسائط نقل عام آمنة ومناسبة وبتكلفة جيّدة، وتوفير حضانات ومراكز لرعاية الأطفال، كما سيكون هناك برامج تستهدف رفع وعي الأسر في المناطق المختلفة بأهميّة عمل المرأة ومساهمتها في التنمية الاقتصادية.
وبينت أندرسون أن مثل هذه الإصلاحات، تستغرق فترة من الوقت ليظهر أثرها، لذلك فنحن بحاجة لاستثمارات مستدامة وأكثر شمولية.
وفي إجابتها على سؤال حول بطء وتيرة التغيير أو الوصول إلى نتائج ملموسة، برغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة والمجتمع المدني والشركاء الدوليون، أشارت أندرسون إلى أن الأمم المتحدة تعمل مع هؤلاء الشركاء، لزيادة فعالية الجهود الجماعية لضمان تعظيم الفوائد المرجوة منها.
وأكدت أنّ الأمم المتحدة تولي قضايا الشباب في الأردن أولوية قصوى، إذ إنّ هذه القضايا هي أولوية قصوى بالنسبة للحكومة الأردنية، كما أنّها أولويّة بالنسبة لجلالة الملك الذي كان واضحا جدا بشأن الدور الإيجابي الذي يمكن، بل وينبغي، أن يلعبه الشباب في المستقبل.
وحول دعم الشباب، أشارت أندرسون إلى أن التغير الديموغرافي الذي طرأ مؤخرا أدّى لزيادة عددهم الشباب بشكل كبير، مشيرة إلى أنّ الأمم المتحدة تتعامل معهم كـ"فرصة" يجب الاستثمار بها، والاستفادة من طاقاتهم وحماسهم والتوجه لهم بطرق صحيحة وعلى نطاق واسع.
وبينت أن أحد أهم القضايا التي تركز عليها الأمم المتحدة، هي البطالة، وأن إحدى أفضل الطرق لمساعدة الشباب، تكمن بإشراكهم ومساعدتهم في الانخراط بطريقة إيجابية منتجة ومنظمة في الاقتصاد، ويكون ذلك بشكل أساسي عبر خلق فرص عمل لهم وتدريبهم.
إلى جانب دعمها لتوجه الأردن بتشجيعهم على المشاركة في الأعمال التطوعية، والتي تساعدهم بتحديد أهدافهم المستقبلية من جهة، وبخلق شعور جيد لديهم، بأنّهم يساعدون مجتمعاتهم.
ولفتت أندرسون، إلى دور "اليونيسف" في دعم الشباب عن طريق برنامج يساعد على خلق فرص عمل خاصة بهم، ودعم ريادة الأعمال وتحويل الاستثمارات الصغيرة إلى مشاريع أكبر.
كما تدعم الأمم المتحدة أيضا، توجه الحكومة فيما تقدمت به من إصلاحات في قطاع التعليم الحكومي والمناهج الدراسية، ومحاولة مطابقة المهارات والقدرات بشكل أفضل مع سوق العمل، مشيرة إلى أنّ هناك الكثير من التقدم الذي يحدث في هذا المجال بقيادة الحكومة، والذي سيكون له آثار طويلة المدى.
وأكدت أندرسون، أهميّة مساعدة الشباب بخلق فرص عملهم في مجتمعاتهم المحليّة، والحصول على طريقة مستدامة للعيش، ما يساعد بتقليل الضغط على موازنة الدولة ومواردها، بدلا من الهجرة الجماعية للمراكز الحضرية.
وقالت إن "تمكين الشباب والمرأة عبر إكسابهم مهارات مختلفة وتدريبهم، وعن طريق توفير التعليم الجيد، السبيل الأفضل لخلق فرص العمل، وهي جميعها أمور تقع على رأس قائمة أولويات الأمم المتحدة بدعمها للأردن الذي تعمل حكومته على هذا المحور بشكل جاد ضمن رؤيتها.
وشددت على أهمية إشراك الشباب في الخطط والبرامج التي تستهدفهم أولا، مشيرة إلى أن الأردن لديه جيل من الشباب الرائع والمتعلم والمدرك للأزمات، وإمكانات هائلة لا بد من استغلالها بأفضل الطرق التي تتناسب مع قدراته وتنسجم مع طريقة تفكيره.
وبالإضافة إلى ذلك، أضافت، إنّ الأمم المتحدة تدعم المشاركة السياسية للنساء والشباب وما تعمل عليه الحكومة، ضمن إصلاحاتها السياسية.
أولويات الأمم المتحدة في الأردن
وتحدثّت أندرسون عن أولويات العمل الرئيسة للمرحلة المقبلة التي تعمل عليها 29 وكالة تابعة للمنظمة الدولية في الأردن، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة ستستمر بالالتزام في تعهداتها تجاه دعم اللاجئين السوريين والفلسطينيين، ودعم الأردن بتحمل تبعات اللجوء، حتى في ظل التحديات المالية. وكذلك دعم جهود تقديم الدعم الإنساني لأهالي القطاع، والتوصل إلى حل سياسي للأسباب الجذرية للأزمات في دول الجوار كافة.
وبينت أن المنظمة الأممية، ستركز على مساعدة الأردن بتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تتماشى مع رؤيته المحلية، بما في ذلك التحول الاقتصادي، وتعزيز العمل اللائق لجميع شرائح المجتمع.
وقالت، أما بالنسبة لجهود الأمم المتحدة الإنمائية، فهي واسعة النطاق، ولكنها تركز على:
جهود تعزيز التمكين الاقتصادي للأردنيين، بخاصة النساء والشباب، وإصلاح التعليم لدعم هذا الهدف الاقتصادي. وتسهم نحو 15 وكالة تابعة لها بتحقيق هذا الهدف.
كذلك تقديم الدعم لأنظمة الحماية الاجتماعية، والعمل مع وزارة التنمية الاجتماعية والشركاء الوطنيين، لتطوير أنظمة حماية اجتماعية وشبكات أمان فعالة، بما في ذلك الإستراتيجيات التي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي للمواطنين. وستشمل توسيع نطاق تغطية الضمان الاجتماعي، وإستراتيجيات التخرج من صندوق المعونة الوطنية، وتنفيذ برنامج وطني للتغذية المدرسية. وتنشط عدة وكالات في هذا الجهد.
وأكدت أندرسون، أن المجموعة الثالثة من الجهود ذات الأولوية تركز على معالجة الاستدامة الشاملة للنظام الغذائي الذي يربط بين قطاعات الزراعة والمياه والطاقة. ويشمل ذلك؛ الاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية في الأمن الغذائي وتعزيز الممارسات الزراعية الشاملة، وتدعم نحو 10 وكالات تابعة للأمم المتحدة هذه الجهود.
إن أساس كل الجهود، يتبلور في أن الأمم المتحدة ستدعم تمكين النساء والشباب، دعما لرؤية التحديث الثلاثية في المملكة، ما يضمن أن يكونوا محوريين في الإستراتيجيات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، وكذلك دعم مشاركة المرأة في المجال السياسي وتعزيز إدراجها في الأجندات التنموية كافة.