كلمة كريستينا مينيكي-كليف، كبيرة مستشاري حقوق الإنسان، منتدى "حرية التعبير: متطلب للإصلاح"- هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني (همم)
أصحاب السعادة،
الحضور الكرام،
السادة والسيدات،
أود أن أعرب عن تقديري لهيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني "همم" لدعوتي للتحدث في ورشة العمل اليوم بعنوان "حرية التعبير: متطلب للاصلاح".
تم التخطيط لهذا المنتدى من قبل ولكنه يأتي الآن في الوقت المناسب نظرًا للمناقشات الحالية حول التشريعات الجديدة.
لماذا تعتبر حرية التعبير مهمة للغاية؟
اسمحوا لي أن أقتبس من كلام اللجنة الملكية للتحديث السياسي الآتي:
"تعتقد اللجنة أن نتائجها في مجالات تحديث التشريعات السياسية الرئيسية تحتاج إلى بيئة مناسبة من الحريات العامة والانفتاح ونظام شامل لحقوق الإنسان، للسماح بإنشاء فضاء عام تعددي يمكّن الأفراد والجماعات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني أن تتمتع بحرية الحركة والتعبير والمشاركة ضمن القانون، وبطريقة تضمن الانتقال السلس إلى مرحلة سياسية جديدة. ويتطلب تطوير المجال العام الديمقراطي مزيداً من الانفتاح في حرية التعبير ضمن حدود المسؤولية واحترام حقوق الآخرين وخصوصياتهم، بطريقة تمتنع عن نشر خطاب الكراهية والإقصاء؛ ...."
لا يخفى على أحد بأن العصر الرقمي قد جلب معه فرصًا وتحديات جديدة وهائلة تتعلق بحرية التعبير. ساعدت منصات وسائل التواصل الاجتماعي الناس في جميع أنحاء العالم على المساهمة بأفكارهم وابتكاراتهم لتعزيز سعي البشرية الجماعي لتحقيق السلام والكرامة وحقوق الإنسان على كوكبنا. إلا أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، ففي الوقت الذي تستخدم فيه لتعظيم الفائدة، هنالك أيضًا إساءة استخدام للمنصات الرقمية منها تقويض العلم ونشر المعلومات المضللة وخطاب الكراهية. وفي كثير من الأحيان، تكون التكنولوجيا مصدرًا للخوف وليس الأمل.
تتطلب معالجة هذه التحديات اتخاذ إجراءات من قبل الكثيرين - من قبل الحكومات والقطاع الخاص - بما في ذلك شركات التكنولوجيا - والمواطنين - للعمل معًا لتعظيم فرص الصالح العام مع القضاء على إساءة الاستخدام ، مدعومة بالالتزامات الجماعية بكل من حرية التعبير واحترام حقوق الإنسان واحترام الآخر.
ولمواجهة هذه التحديات، يمكن للإطار القانوني لحقوق الإنسان أن يوفر لنا التوجيه والارشاد.
وقد صادق الأردن على سبع من أصل تسع معاهدات أساسية لحقوق الإنسان. هذه المعاهدات، ولا سيما العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية القضاء على التمييز العنصري، تحمي حرية التعبير والوصول إلى المعلومات وكذلك الحق في الخصوصية.
ما الذي تتضمنه تلك الحقوق؟
يشمل الحق في حرية الرأي والتعبير حرية اعتناق الآراء والوصول إلى المعلومات والأفكار ومشاركتها دون تدخل من السلطة العامة ودونما اعتبار للحدود. فيجب الحفاظ على هذا الحق عبر الإنترنت وكذلك على أرض الواقع، وأن يتماشى بالتزامن مع التصدي لخطاب الكراهية والمعلومات المضللة عبر الإنترنت. وفي هذا السياق، تخضع أي تدابير تتخذها الدول لتنظيم الخطاب للاختبار المكون من ثلاثة أجزاء بناءً على مبادئ الشرعية والضرورة والتناسبية. وينبغي أن تضمن التدابير المتخذة الشفافية والمساءلة، والأهم من ذلك، المشاركة في تطويرها. وتعمل حرية الرأي والتعبير كعامل تمكين للتمتع الكامل بمجموعة واسعة من حقوق الإنسان الأخرى.
ويعد الحق في الخصوصية أمرًا أساسيًا لإعمال مجموعة واسعة من حقوق الإنسان، بما في ذلك في المجال الرقمي، بدءًا من حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والتجمع والوصول إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتمتع بها.
تم استخدام نفس التقنيات الجديدة التي توفر سبلًا جديدة للمشاركة والتعبير المدني لتقييد أو تتبع أو مراقبة تلك الوسائل. وتظل حماية البيانات والخصوصية جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية البيانات التي وضعها الأمين العام للأمم المتحدة. ويجب تطوير قوانين وطنية لضمان حماية قوية للبيانات، بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان.
كيف يمكن للإطار الدولي لحقوق الإنسان أن يساعد في إعمال هذه الحقوق في الأردن؟
أولاً ، كما ذكرنا ، ينبغي أن تسترشد المعايير الدولية لحقوق الإنسان بتطوير أو مراجعة التشريعات والسياسات والممارسات الوطنية. بموجب معاهدات حقوق الإنسان ، هناك كم هائل من الإرشادات التفسيرية المتاحة على شكل تعليقات عامة، على سبيل المثال التعليق العام رقم 34، وهناك أيضًا قرارات مجلس حقوق الإنسان أو مبادئ توجيهية أخرى للأمم المتحدة ، مثل خطة عمل الرباط. إن المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان هي مجرد مثال واحد يوفر إطار عمل للقطاع الخاص.
ثانيًا، يمكن للممارسات الجيدة من الدول الأخرى الأعضاء في الأمم المتحدة أن توجه تطوير أو مراجعة التشريعات والسياسات والممارسات الوطنية. فيقوم الخبراء المستقلون، أو ما يسمى بالمقررين الخاصين، المعينين من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بكتابة تقارير مواضيعية تضع مثل هذه الممارسات في المقدمة.
اسمحوا لي أن أسلط الضوء هنا على تقرير صدر مؤخرًا عن المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير بعنوان "التنمية المستدامة وحرية التعبير: ما هي أهمية الصوت"، والذي يعرض بعض الممارسات الجيدة، مثل إنشاء سجلات عامة مفتوحة لتحسين الشفافية والحوكمة. كما يدعو التقرير إلى تجديد الالتزام السياسي في القمة العالمية لأهداف التنمية المستدامة لعام 2023 بحرية التعبير كعامل تمكين للتنمية المستدامة.
أخيرًا ، يمكن للتوصيات الصادرة عن آليات حقوق الإنسان المختلفة أن توجه إعمال حرية التعبير. فخلال عملية المراجعة الدورية الشاملة لعام 2018، التزم الأردن بضمان بيئة آمنة ومواتية للصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، وضمان حرية وسائل الإعلام ومساحة للمجتمع المدني خالية من التدخل والتهديد والترهيب (UPR 135.72)، كما التزم بمراجعة تشريعاتها وممارساتها بهدف ضمان أن جميع الأشخاص والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون، يمكنهم ممارسة حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، سواء عبر الإنترنت أو على أرض الواقع (UPR 136.17.
أتطلع إلى الاستماع إلى المناقشات اليوم حول كيفية استخدام إطار وأدوات حقوق الإنسان والمساهمة في إعمال هذه الحقوق في الأردن كجزء من مساحة مدنية مزدهرة، مدرجة بقوة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030 حيث نتابع الهدف المتمثل في تعزيز المجتمعات السلمية والشاملة من أجل التنمية المستدامة، وبالتالي تمهيد الطريق للإصلاحات والتقدم.