كلمة المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الأردن، شيري ريتسيما-أندرسون بمناسبة حفل إطلاق الدورة الحادية عشرة من أسبوع فيلم المرأة
أصحاب وصاحبات المعالي،
شركاؤنا وزملاؤنا وأصدقاؤنا الأعزاء،
الحضور الكريم،
إنه لمن دواعي سروري أن أكون معكم في هذا المساء لإطلاق الدورة الحادية عشرة من أسبوع فيلم المرأة، والذي يُقام سنوياً احتفاءً باليوم العالمي للمرأة. إن لإطلاق الدورة الحادية عشرة من أسبوع فيلم المرأة أهمية خاصة بالنسبة لي. فحفل اليوم يعد مشاركتي الأولى في فعالية مفتوحة منذ أن تسلمت مهامي كمنسقة مقيمة للأمم المتحدة في الأردن منذ عدة أسابيع، إضافة إلى أن هذه المناسبة تتعلق بموضوعين هامين بالنسبة لي وهما: تحقيق المساواة للمرأة وتعزيز الثقافة والفنون.
وتعد الأفلام استمرارية للعادة القديمة المتمثلة في السرد القصصي، إلا أنها معدّلةً بواسطة التكنولوجيا الحديثة. وباعتبارها صورة محدّثة من صور السرد القصصي، تعتبر الأفلام وسيلة للترفيه والمشاركة، ومن شأنها أيضاً أن توفر أداة للتثقيف والتوعية. وسنتعلم جميعنا الكثير من الأفلام التي سيتم عرضها خلال الدورة الحادية عشرة من أسبوع فيلم المرأة في الأردن، والتي قد تقدم لنا تحدياً أيضاً من خلال القضايا التي سيتم تناولها.
وستقدم هذه الأفلام للجمهور رؤىً جديدة، وقد تحفزهم على الحوار والتعرف على شخصيات قيادية ملهمة أيضاً . وستعزز هذه الأفلام صوت النساء والفتيات في مختلف أنحاء العالم، كما ستحفزنا أكثر من أي وقت مضى نحو المضي قُدماً في رحلتنا الإنسانية، نحو عالم أكثر شمولية، وعدالة، وإنصاف، عالم خالٍ من العنف.
والآن، دعونا نحظى بلحظة لنتمعن في سبب أهمية مثل هذه المناسبات، مثل اليوم العالمي للمرأة وأسبوع فيلم المرأة.
المساواة بين الجنسين ليست فقط حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، بل تعتبر أيضاً أساساً ضرورياً لعالم ينعم بالسلام والازدهار والاستدامة. وعلى الرغم من إحراز التقدم على مدار العقود الماضية، إلا أن العالم لا يسير على المسار الصحيح نحو تحقيق المساواة بين الجنسين بحلول عام 2030. حيث أن الخدمات الصحية المقدّمة للمرأة ضعيفة التمويل، ولا يزال العنف ضد المرأة متأصلاً، وما زالت النساء تطالب الرجال لتولّي مناصب مستحقة في صنع القرار. وقد فاقمت آثار جائحة كوفيد-19 الوضع سوءاً.
وفي وجه هذه التحديات، يقف العالم للاحتفال بإنجازات المرأة، ولرفع الوعي حول التمييز، ولاتخاذ الإجراءات للعمل من أجل قيادة التكافؤ بين الجنسين.
ويركز موضوع اليوم العالمي للمرأة لهذا العام على إغلاق الفجوات بين الجنسين في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار.
فهل تعلمون، أن الرجال أكثر اتصالاً على الإنترنت من النساء بنسبة 21 في المائة؟ وتزداد هذه النسبة لتصل إلى أكثر من 50 في المائة في الدول المنخفضة الدخل.
وفي مجال صناعة التكنولوجيا، يفوق عدد الرجال عدد النساء بمقدار اثنين إلى واحد. أما في الذكاء الاصطناعي، فتتراوح الزيادة من خمسة إلى واحد.
كما تعاني النساء من أجل الحصول على التمويل لإنشاء الأعمال الناشئة.
وبالإضافة إلى ذلك، تحظى الباحثات في العادة على وظائف أقصر مدة وأقل أجراً، كما تتعرضن للتقليل من أهمية أعمالهن، ويتلقين منح بحثية أصغر. فهل تعلمون، على سبيل المثال، أن عدد الرجال ممن يتم دعوتهم للتحدث في ندوات علمية في المؤتمرات يساوي ضعف عدد النساء المدعوات للتحدث في مثل هذه الندوات؟
كما تعتبر النساء والفتيات أقل ميلاً للحصول على الوظائف/ ممارسة مهن في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
في الأردن، تشكل النساء 28 في المائة من خريجي الهندسة، و40 في المائة من خريجي علم الحاسوب والمعلوماتية، بالإضافة إلى 22 في المئة من المهنيين العاملين في المجالات الرائدة مثل الذكاء الاصطناعي. (وفقاً لليونسكو 2021؛ وتقرير الفجوة بين الجنسين لعام 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي)
ومع ذلك، دعونا نتأمل النجاحات التي تحدث كل يوم حولنا، على الرغم من جميع هذه التحديات. أود مشاركتكم بقصتي نجاح لنساء أردنيات ممن طوّعن التكنولوجيا لمواجهة التحديات في مجتمعاتهن.
سلمى، مهندسة كهرباء من شمال الأردن، استخدمت تعليمها ومعرفتها في تطوير أنظمة مبتكرة لمساعدة المزارعين والمزارعات على الاستخدام الأمثل للمياه والأسمدة، عن طريق إيصال الكمية المطلوبة من المياه والمغذيات إلى النباتات بدقة وفي الوقت المناسب.
وبينما يعتبر الأردن واحداً من أكثر الدول التي تعاني من ندرة المياه، يساهم ابتكار سلمى في مواجهة تحدي شح المياه في القطاع الزراعي.
إيناس، هي أيضاً إحدى رائدات الأعمال الملهمات. حيث طوّرت منصة اجتماعية تزوّد المستخدمين والمستخدمات بوسيلة مناسبة ومتاحة وميسورة التكلفة لإعادة التدوير على نحو أكثر فعالية. يستطيع المستخدمون والمستخدمات التسجيل في المنصة بواسطة هواتفهم النقالة أو عبر الموقع الإلكتروني، كما بإمكانهم حجز موعد لتجميع مواد قابلة لإعادة التدوير في وقت يتزامن فيه وجود فريق المنصة المسؤول عن التجميع في المنطقة ذاتها.
هذه النجاحات مدعاة للفخر، وعلينا تعزيزها. فعندما تتاح للنساء فرصة الوصول إلى التكنولوجيا وأدواتها، كما هي الحال مع سلمى وإيناس، فبإمكانهن الابتكار وتطوير حلول نابعة من المجتمعات المحلية، لمواجهة التحديات في مجتمعاتهن.
وأود أن أشكركم جميعاً، أيها الشركاء، على وجودكم هنا اليوم في هذه المناسبة المهمة. حيث يعتبر اليوم العالمي للمرأة بالدرجة الأولى مناسبة لتعزيز عملنا الجماعي نحو السماح للنساء والفتيات بالتمتع بحقوقهن، وبالمشاركة على أكمل وجه في تحسين الوضع في الأردن، بما في ذلك في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
إن حقوق المرأة ليست رفاهية يمكن تأجيلها لحين حل أزمة المناخ، أو القضاء على الفقر، أو إيجاد عالم أفضل. بل يعتبر الاستثمار في النساء والفتيات الوسيلة الأضمن لتحقيق أجندة 2030 للتنمية المستدامة. دعونا نعمل معاً للوصول إلى أردن أكثر شمولية وازدهاراً للنساء والفتيات، والرجال والفتيان، في جميع أنحاء المملكة.
وشكراً