البودكاست... صوت الشباب بلا حدود
.
مؤخراً، سمعنا الكثير من النقاشات حول البودكاست، مثل كيف انتشر وأصبح معروفاً بهذه السرعة؟ وما الذي يجعله مميزاً؟ عندما يسمع الأشخاص عن البودكاست لأول مرة، في العادة يطرحون مثل هذه الأسئلة.
إن ظهور البودكاست كوسيلة مفضلة ومستمرة من وسائل الترفيه، فضلاً عن سهولة الوصول إليها على الهواتف الذكية والوسائل الأخرى في أي وقت أثناء التنقل أو القيام بعدّة مهام، هي من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى التوسع في صناعة البودكاست.
في منطقتنا، لا يمكننا القول أنَّ صناعة البودكاست كعمل، أمر ناجح كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ومع ذلك، كان هناك نمو مطرد بمرور الوقت. وإذا كنت تستمع إلى البودكاست، يمكنك التمييز كيف يتم استخدام أنواع مختلفة من الإعلانات داخل البودكاست للتمكن من المضي قدمًا، وقد بدأت تؤتي ثمارها لكل من أصحاب البودكاست والمُعلنين.
في الأردن، كما هو الحال في أي مكان آخر، يهتم الشباب وفي بعض الأحيان لديهم مخاوف تدور حول الديمقراطية وحُرّية التعبير والوصول إلى المعلومات. إن الوباء المعلوماتي، والذييُشار إليه بأنه السيل الجارف من المعلومات على شبكة الإنترنت وخارجها ويتضمن المحاولات المتعمدة لنشر معلومات خاطئة ومضللة. وهذا بالضبط ما حدث وتفاقم خلال جائحة كوفيد-19 مما ترك أثر سيء على الشباب في الأردن.
اليونسكو في الأردن وبدعم من البرنامج الدولي لدعم الاتصال، أطلقت مبادرتين للبودكاست، إحداهما ركّزت على التربية الإعلامية والمعلوماتية، وكيف يُمكن استخدام وسائل الإعلام لمكافحة المعلومات المُضللة، والأخرى ركّزت على قصص الشباب والصعوبات والتحديات التي واجهوها خلال جائحة كورونا. ومن خلال هاتين المبادرتين تم استهداف 40 شاباً وشابة من الصحفيين والإعلاميين أو ناشطين في التربية الإعلامية والمعلوماتية وحريّة التعبير.
هدفت هذه الشراكة إلى نشر مهارات التربية الإعلامية والمعلوماتية، وتمكين الشباب وتزويدهم بالأدوات المناسبة لتحسين مهاراتهم وقدراتهم على إنتاج المحتوى الرقمي باللغة العربية. بالإضافة لتدريب المشاركين على إنتاج برامج البودكاست الخاصة بهم.
تم تنفيذ المبادرتين بالتعاون مع شبكتين رائدتين في صناعة البودكاست في الأردن (صوت) و (صدى بودكاست).
صوت هي منصة بودكاست تنتج وتوزّع برامج صوتية عالية الجودة باللغة العربية، بهدف خلق بيئة حوار ومناقشة حول مواضيع مهمة للمستمعين العرب في جميع أنحاء العالم.
صدى هي شبكة بودكاست تنتج برامج تتناول قضايا المجتمع، والسياسة، والثقافة، وتطوير الذات، والأشخاص ذوي الإعاقة، والنساء والشباب، وريادة الأعمال، والتربية الإعلامية والمعلوماتية.
بينما تنتج شبكات البودكاست في المنطقة العربية محتوى جيّد جداً حول القضايا الاجتماعية، تظلّ بعض الموضوعات الحساسة المتعلقة بالوصمات والمحرمات الاجتماعية والثقافية مواضيع أقل تداولاً وغير مطروحة بكثافة عبر البودكاست.
قالت الصحفية المستقلة روان نخلة والتي تعمل في مجال صناعة البودكاست: "لقد أُعجبت بفكرة هذه الوسيلة الإعلامية الجديدة، وقد تأثرت بالطريقة التي تم استخدامها لرواية القصص وإثارة القضايا بأشكال مختلفة" وأضافت روان "بشكل عام هناك حرية في صناعة البودكاست".
تشير روان هنا إلى حرية الإنتاج، ومدة الحلقات، وطبيعة الموضوعات، وكيف يتم تقديم المحتوى لأن البودكاست يتبع قواعده الخاصة، مع تجرّده من القيود المفروضة على الراديو، فضلاً عن ميزة الاستماع في أي وقت ومن أي مكان مما يسهل استخدامه والوصول إليه.
أمّا بالنسبة لماذا تتطلب مكتبة البودكاست العربية من الشباب في الأردن اليوم؟ تُجيب مديرة الإنتاج في صوت، تالا العيسى "نحن على يقين من وجود كتاب ومنتجين وممثلين صوتيين بارزين ناطقين بالعربية في الأردن ودول أخرى". وأضافت تالا أنهم في صوت يعملون على تحديد هذه المواهب والإعلان عن الوظائف الشاغرة لرؤية المزيد من الأشخاص يرسلون إعلانات لقصص مقنعة وصحافة عميقة.
بالحديث عن ذلك، كان وسام خليفة من أوائل روّاد البودكاست على الإطلاق الذين قاموا بتغطية قصص من الفئات المهمشة في المنطقة العربية، وعمل على بودكاست شمل قصص شباب من المنطقة العربية الذين انضموا إلى الجماعات المتطرفة العنيفة ممن كانوا محظوظين بالعودة إلى منازلهم بعد أن أدركوا أنهم لا يريدون أن يكونوا جزءًا من هذه المجموعات بعد الآن وأن تجربتهم كانت نتيجة لإقناع الآخرين لهم بالانضمام إلى هذه المجموعات.
وصل بودكاست وسام إلى أكثر من مئة ألف مستمع، وما فعله أمر بالغ الأهمية، حيث أعطى مساحة للناس لمشاركة قصصهم، مع تجاهل حقيقة أنهم منبوذون من المجتمع.
الإيمان بحرية التعبير والمساواة هما حجر الزاوية في سرد قصص الناس في المنطقة العربية وتمثيل شرائح مختلفة من الأفراد بطريقة عادلة، وجعل أصواتهم مسموعة.